الموضوع الأول:
مقدمة طرح مشكلة: مما لا شك فيه إن التحليل النفسي كشف
عن فاعليته في علاج
بعض الاضطرابات العصبية كما كشف عن جدواه في الكشف عن تجارب الطفولة المبكرة
في
سلوكيات الراشدين , لدلك اعتبر الكثير من علماء النفس إن التحليل النفسي
علم ، و أن فرضية
اللاشعور فرضية علمية و مشروعة , لكن في مقابل دلك دهب كثير من المفكرين
و الفلاسفة
المعاصرين إلى اعتبار اللاشعور نظرية فلسفية , من هدا المنطلق بمكن التساؤل
:هل فعلا اللاشعور
فرضية علمية؟ أليست مجرد فرضية فلسفية تساعدنا على
فهم السلوك الإنساني أكثر مما تساعدنا على
تفسيره؟ هل فعلا اللاشعور فرضية علمية؟
محاولة حل المشكلة
عرض الأطروحة: إن فكرة اللاشعور لم تكن جديدة عندما دافع عنها"فرويد"
بل قال بها الكثير من
الفلاسفة وأدباء كثيرون قبله، لكن ما جاء به التحليل النفسي لم يكن شائعا
, وهو أن اللاشعور ليس
مجرد ضعف أو غياب للانتباه , بل هو منظمة نفسية لها وجود سابق عن الشعور
نفسه و تؤثر فيه و
تتحكم بكثير من موضوعاته , و يتألف اللاشعور عند المحللين النفسانيين
من الميول و الرغبات و
الأهواء المكبوتة وتؤثر على نحو لاشعوري في حياتنا الواعية , و اللاشعور
بهدا المعنى يكون
منفصلا عن الزمن الموضوعي و الواقع الخارجي و هو يستجيب فقط لمبدأ
"اللذة" فقط , ويتجلى في
الهفوات و الزلات و الأحلام و الأعراض العصابية , واعتبر "فرويد"
اللاشعور فرضية ونظرية
علمية تساعدنا على تفسير الظواهر النفسية التي لا نجد لها أسباب معروفة
في الحياة النفسية الواعية ،
وتمكن التحليل النفسي من مساعدة الكثير من المرضى على الشفاء , كما عززت
هده النظرية الجانب
الإنساني فأصبح العديد من المنحرفين يدخلون المستشفيات للعلاج بعد أن
كان يلقى بهم في السجون أو
يظلون عرضة للسخرية.
نقد:صحيح إن الصبغةالعلمية للتحليل النفسي الذي جاء
به"فرويد" حقيقة لا يمكن إنكارها , لكن اعتبار اللاشعور فرضية علمية يستدعي
أولا تحديد خصائص ما هو علمي , فالعلماء و الفلاسفة منقسمون بشأن دلك و حتى هناك من
رفض هده النظرية رفضا كليا
نقيض القضية: رفض الكثير من الفلاسفة و علماء النفس نظرية اللاشعور
اذ رفض"جون بول
سارتر"بحجة أنه يتعارض مع حرية الإنسان فهو ينفي الحرية باسم الحتمية
النفسية،فهو خداع و
تضليل،كما رفضه"كارل ياسبرس"و الظواهرية و الوجودية معا،لأنه
لا يمكن أن يكون
اللاشعور،أساس الوجود لأنه وجد لدراسة السلوك المرضي الشاذ فلا يقبل التعميم،كذلك
هذه النظرية
تحط من قيمة الإنسان و تجعله في نفس المرتبة مع الحيوان ،و يجعله تحت
سيطرة الغريزة.
ان اللاشعور نظرية تحتمل الصدق و الكذب،و
لكي تكون هذه النظرية علمية يجب أن يكون مفهوم اللاشعور خاليا من التناقض
و التعارض،حيث أن
أهل الاختصاص ليسوا متفقين على هذا، فبالنسبة"لادلر" اللاشعور
ليس مرده إلى الليبدو بل راجع إلى
الشعور بالقصور، فالمصاب بقصور عضوي يسعى لتعويض هذا القصور و تغطيته
عن طريق
الأعراض العصبية،أما"يونغ"فقد أضاف اللاشعور الجمعي إلى جانب
اللاشعور الفردي الذي تحدث
عنه "فرويد"معتقدا أن اللاشعور الفرويدي غير كاف لتفسير الحيات
النفسية،و هذا التعدد و التعارض
في التصورات يعصف بأهم خاصية من خصائص العلم و هي الانسجام المنطقي المطلوب
في الفرض
العلمي كما أن اللاشعور مفهوم كيفي وغير قابل للملاحظة و التجريب و هذا
يعني أننا لا نستطيع
التحقق من صدق الفرضية على نحو تجريبي،إن اللاشعور يقوم على التأويل،و
التأويل يفترض أن
المعطيات هي رموز تخفي وراءها معاني و دلالات، و بدل من أن يقتصرا لمحلل
على تحديد العلاقة
السببية بين الظواهر،فانه يميل دائما إلى تأويل الإعراض و الأحلام و الزلات
تأويلا جنسيا، أما ادا
كان أدليريا فانه يؤول إلى إنها تعويض عن القصور الذي يعانيه الشخص و
من هذا المنطق فان تقنية
التأويل المعتمدة في التحليل النفسي لا تؤدي إلى نتائج مجمع عليها، في
حين أن موضوعية العلم لابد
أن تحقق الإجماع،فالتأويل أمر ذاتي و قد بلغ الشك في الطبيعة العلمية
للاشعور لدرجة إنكاره يقول
"هنري آي" "إن المحلل النفسي كالبوم
الذي لا يرى غلا في الظلام"
نقد: إن فرضية اللاشعور في سياق التحليل النفسي بمثابة
الاجتهاد الذي أدى إلى اكتشافات مضيئة و هامة حول النفس البشرية و معالجة الكثير من
الأمراض على مستوى الشعور و السلوك , و التي بقيت
مجهولة و دون علاج و لا يمكن إنكار هده الانجازات على الصعيد العيادي
التركيب:إن محاولة التحليل النفسي في جعل اللاشعور نظرية
علمية لم يحقق النجاح المأمول لها إلا
من الناحية التطبيقية , لأنها تفسر الظواهر على تنوعها بمبدأ واحد هو
اللاشعور , و تفسر كل
النشاطات اللاشعورية بمبدأ واحد هو الليبيدو, فحاولت بدلك أن تفسر الأعلى
بالأدنى , مؤسسا بدلك
مذهبا ماديا يحمل طابعا فلسفيا.
الخاتمة: رغم قيمة التحليل النفسي و أهمية اللاشعور في علاج
الكثير من الأمراض النفسية و
الأخلاقية و الاجتماعية إلا أن اللاشعور اجتهاد أقرب إلى الافتراض الفلسفي
منه إلى النظرية العلمية
المتكاملة
الادلة والبراهين يجو في منطق الاطروحة وين راهم ماشي في نقيض الاطروحة
ردحذف