نص المقال : هل غاية الديمقراطية الحرية أو إقامة
المساواة ؟
الطريقة: جدلية
المقدمة : يحتل مفهوم
السلطة الصدارة في الصراعات السياسية وكذلك في الفكر السياسي والفلسفي , نظرا لما
لها من أهمية كبرى في تحديد مصير الشعوب, ولقد أخذت السلطة السياسية منذ بروزها في
المجتمعات الأولى أشكالا مختلفة، و وهذا ما دفع بالمفكرين والفلاسفة إلى الاهتمام
والتفكير في أنواع الأنظمة وفي أحسن نظام منها . ولقد حظي النظام الديمقراطي بالاهتمام
الأوفر خاصة في العصر الحالي , لكن يبقى الإشكال المطروح : هل غاية الديمقراطية
الحرية أو إقامة المساواة ؟
التحليل :
الرأي الأول : ( الموقف القائل أن الحرية هي
الغاية الأساسية للديمقراطية )
يعتقد الاتجاه
الليبرالي في الحرية كغاية أساسية للديمقراطية، إذ أن هذه الأخيرة نظام يضمن
الحريات المختلفة , إذ للمواطن الحق في الترشح للانتخابات رئاسية كانت أو نيابية
أو محلية , وهي نظام يعطي الفرص لجميع المواطنين دون استثناء لممارسة حقوقهم
السياسية , فالمواطن حر في اختيار ممثليه في تسيير شؤون الدولة عن طريق الانتخابات
. كما يقوم هذا النظام على التعددية الحزبية أي وجود أحزاب معارضة، ووجود هذه
الأخيرة إلى جانب حرية الصحافة يضمن الشفافية والوضوح في تسيير شؤون البلاد، كما
يضمن التنافس الحر في جميع المجالات دفع عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي.
مناقشة: غير أن ملاحظة
الواقع لا تؤكد هذه الادعاءات، إذ لم نرى شعبا يحكم نفسه وحتى في المجتمع اليوناني
فالديمقراطية عندهم لم تكن تعني كل أ فراد الشعب فالعبيد والغرباء والنساء لا يسمح
لهم بالمشاركة في الحياة السياسية، ومن الملاحظ كذلك في المجتمعات الغربية اليوم
أن العدد الكبير من الشعب لا تتوفر فيهم شروط ممارسة الديمقراطية، ذلك لأن الحرية
الاقتصادية أدت إلى عدم توازن في الدخل , لأن الفرد الفقير في الدولة الديمقراطية لا يستطيع أن يتمتع بحقوقه السياسية التي أعطيت
له لأنه لا يمتلك حق الدعاية و الإشهار في الحملات الانتخابية.
الرأي الثاني : ( الموقف القائل أن المساواة هي الغاية الأساسية للديمقراطية )
يرى الاتجاه الاشتراكي أن المساواة هي الغاية الأساسية للديمقراطية، وأن الديمقراطية
الحقة لا تتمثل في التعددية الحزبية والتناوب على السلطة, بل هي مبدأ لتحسين الوضع
الاجتماعي لكل أبناء المجتمع الواحد
بالتساوي , حيث تسهر الدولة على توزيع ثروات البلاد على الشعب توزيعا عادلا, وبما
يسمح للمواطن الحصول على حقه في التعلم والعلاج والعمل... ويعتمد النظام السياسي الاشتراكي سياسة التسيير الأحادية أي
سياسة الحزب الواحد . وحق المعارضة مكفول في إطار الرؤية الجماعية للشعب، ويتم
تجديد هياكل الحزب عن طريق المؤتمر العام للحزب في
جلسات أحيانا عادية وأحيانا استثنائية، كما يتولى الحزب
تزكية شخص ويقدمه للشعب من أجل انتخابه كرئيس للدولة، كما يتولى الحزب توزيع
المناصب الحساسة في الدولة للإطارات النشطة في الحزب، وهو من يتولى عزلهم
أو ترقيتهم، كما يتولى التشريع على غرار التسيير، ويمارس
كل السلطات ويسهر كل من الرئيس والجيش والإدارة على تنفيذ توجيهات الحزب وتعليماته
باعتباره يمارس الحكم باسم الشعب فهو صاحب السيادة.
مناقشة: أما
الديمقراطية الاجتماعية فقد أدت هي الأخرى إلى التعسف الدكتاتورية ذلك أن هذا
النظام يحكم باسم الحزب والمعارضة السياسية في ظل هذا النظام مرفوضة إن وجدت تقمع
في الداخل وتكون في الخارج
التركيب :
يعتقد البعض من
المفكرين أن كل دعوة إلى الحرية في
الديمقراطية السياسية تتضمن شكلا من إشكال المساواة , وكل دعوة إلى المساواة في
الديمقراطية الاجتماعية تستلزم نوعا من التحرر وفي هذا قال ( لاكومب ) :" ... فالحرية التي تطالب بها
الديمقراطية السياسية هي حرية الجميع, وليست حرية البعض, الأمر الذي يفترض وجود
شكل من أشكال المساواة بين الناس ...و أن
كل تقدم نحو المساواة في الديمقراطيـة الاجتماعـية , باعتبارها إلغاء لبعض
الامتيازات، يحرر من ألم هذه الامتيازات بالنسبة للذي يعاني من وطأتها القياسية ,
لا بل إن لفكرة الحرية وفكرة المساواة منبعا واحدا من وجهة النظر المذهبية ,
فكلاهما ينحدر من أخلاق تتأسس على قيمة الشخص الإنساني ".
الخاتمة : نستنتج من خلال
ماسبق أن الديمقراطية من أهم و أكثر النظم السياسية تطبيقا في الواقع، وذلك بالنظر
إلى الأسس التي تقوم عليها. كما أن الاختلاف حول الغاية من الديمقراطية هو اختلاف
مذهبي لا يلبث أن يزول إذا ما ارتكزت الديمقراطية على الحرية كأساس لها واتخذت من
تحقيق العدالة الاجتماعية بين الأفراد كغاية لها .
ارجو التعمق اكثر في المقالة
ردحذفخاصة في المواقف و الحجج
ردحذف