السؤال : يقول باكونين : الدولة مقبرة
تدفن فيها مختلف مظاهر حرية الإنسان ".
لو تبين لك
أنها قضية خاطئة لتفند خطأ هذا القول .
(الاستقصاء
بالوضع).
طرح المشكلة :
لقد كانت
علاقة الأفراد قبل نشوء الدولة ، علاقة مضطربة يسودها قانون الغاب ، حيث يأكل
القوي الضعيف ، ولكن نتيجة خسارة الكل تحت غطاء القانون الطبيعي والحرية المطلقة –
حيث يعي الإنسان الحرية المطلقة بمقابل عدم ضمان حماية حقوقه - تبلورت فكرة نشأة الدولة ، أي أن يتنازل
الأفراد عن جزء من حقوقهم لسلطة معينة بمقابل تمحي وتصمن تلك السلطة أموالهم
وحقوقهم وعرضهم فأصبحت الدولة هي التنظيم السياسي الوحيد الذي من خلاله تضبط
علاقات الأفراد وتنظم ، لكن هناك من عارض فكرة وجود الدولة رغم أهميتها قالا عنها
أنها مقبرة تدفن فيها مختلف مظاهر حرية الإنسان ، فهل هذا صحيح ؟ وكيف يمكن تفنيد
أو إثبات ذلك ؟
محاولة حل المشكلة :
1/ تحليل
الأطروحة:
- منطق الأطروحة : ترى الفوضوية وهي مذهب سياسي يدعوا
إلى إلغاء الدولة ورقابتها ، وإلى بناء العلاقات الإنسانية على أساس الحرية
الفردية فالذين لا يعرفون بوجود الدولة يدعون إلى إلقاء عليها والعودة بالمجتمعات
إلى الحالة الطبيعية الأولى التي كانت عليها الشعوب .
- مسلمات الأطروحة : يعتقد الكثير من الفلاسفة بأن
الدولة لا أهمية لها ويجب أن تزول أمثال كارل ماركس الذي يقول : الدولة
جهاز يجب أن يزول ، على أساس أنها جاءت لتقيد حرية الأفراد " وتضيق
الخناق على أفعالهم باسم سلطة الدولة والقانون ، كما أنهم يعتقدون أن الدولة جاءت
بها الطبقة البرجوازية لاستغلال الطبقة الدنيا من العمال والبسطاء ، لهذا يقول
عنها كارل ماركس : " الدولة وجدت
لاستغلال طبقة من لدن أخرى "
كما أن
الكثير من الشعوب عانت ويلات السلطة التي استغلت الإمكانيات المتاحة لها لنهب
الحريات وإعدامها ، وأيضا الدولة قيدت الكثير من التعاملات وأصبح الفرد لا يستطيع
التصرف من إرادته المنفردة دون الرجوع إليها .
تفنيد الأطروحـــة:
إن الدولة
كجهاز سياسي لا يمكن الاستغناء عنه فهو ضرورة أملتها الحتمية التاريخية للعوب ،
فقبل وجود الدولة لم يكن للفرد أي حقوق أو حماية ، حيث يمكن قتله أو نهبه أو
الاستلاء على أملاكه دون وجود من يحميه أو يدافع عن حقوقه ولهذا لا يمكن حديثا
تصور وجود مجتمع دون الدولة وأجهزتها .
فالدولة
تنظم العلاقات الاجتماعية وتضبطها بقواعد وقوانين لا يمكن تجاوزها لأجل هدف واحد
هو صيانة الحقوق وحماية الأفراد ، والممتلكات كما أنها من الناحية الاقتصادية أصبح
هناك بفل وجود الدولة تنظيم دقيق للعلاقات التجارية وحماية عالية للمؤسسات المالية
والبنكية فقبل وجود الدولة لا يمكن لك أن تخفي نقودك أو تقرها أو تصرفها
بشفافية وبل حماية . إذن غياب الدولة
وزوالها يعني غياب الحقوق والحماية من العلاقات الفردية والجماعية ، لهذا فالدولة
تعتبر حتمية لابد منها .
نقد أنصار الأطروحـــــة :
- مواقف
أنصار الأطروحة : فعلا
الدولة وجدت للسيطرة والغلبة وجودها أدى إلى غياب وتضييق الحركات وغيابها يعني
توسيع مجال الحرية أمام الأفراد والقضاء على كل مظاهر السيطرة والتعسف عليهم ،
فالكثير من التجارب التاريخية للدولة أثبتت أن الدولة تساوي المصالح الفردية
للأقوياء وأنها وسيلة من وسال الاستبعاد والاستغلال .
نقدهـــــم
:
لكن في
عصرنا اليوم أصبح من غير الممكن أن نسكك في قيمة وأهمية وجود السلطة والدولة لأن
تطور الشعوب اليوم جاء نتيجة الاستقرار الذي عرفته بفل الدولة وأجهزتها ، فلا يمكن
أبدا التشكيك في دور أجهزة الدولة وضبط علاقات الأفراد وتنظيمها فمن ك في ذلك فهو
يرغب بالعودة بالشعوب إلى الحياة الهمجية حيث لا قانون ولا سلطة ، وحيث ما يكون
الكل أحرار حرية غير مربوطة في ظل غياب الدولة يكون الكل لا يملك ضمان أمن وسلامة
ممتلكاته وعره وأمواله .
حل المشكلة :
إذن الدولة
كانت تكل خطرا عندما كانت أنظمة الحكم فاسدة ، فالخلل هناك في السياسة ومن يقودها
لا في الدولة ككيان له ضوابط وأسس وقواعد يسير بها ، أما اليوم بتطور الشعوب وظهور
مختلف القوانين التي تربط العلاقة بين الدولة وأفرادها جيدا وبعقلانية لم يصبح
هناك حديث عن مدى أهمية الدولة ، ومن تحدث اليوم عن مجتمع دون دولة عد من
المعتوهين الضالين عن جادة الصواب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق